الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العقد الفريد **
رُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه افتقد عبد الله بن عباس وقت صلاة الظّهر فقال لأصحابه: ما بال أبي العبّاس لم يحضُر قالوا: ولد له مولود. فلما صلى عليّ الظهر قال: انقلبوا بنا إليه. فأتاه فهنّأه فقال له: شكرتَ الواهب وبُورك لك في الموهوب فما سمّيتَه قال: لا يجوز لي أن أُسميه حتى تُسميه أنت. فأمر به فأًخرج إليه فأخذه فحنّكه ودَعا له وردَّه وقال: خُذه إليك أبا الأملاك وقد سميّتُه علياً وكَنّيته أبا الحسن. قال: فلما قدم معاويةُ قال لابن عباس: لك اسمُه وقد كنّيته أبا محمد. فجرت عليه. وكان علي سيِّداً شريفاً عابداً زاهداً وكان يصلّي في كُل يوم ألف ركعة وضرُب مرَّتين كلتاهما ضَربه الوليد فإحداهما في تزوجيه لُبابة بنت عبد الله بن جعفر وكانت عند عبد الملك بن مروان فعضَّ تُفاحة ورَمى بها إليها وكان أبخر فدعت بسكّين. فقال: ما تصنعين به قالت: أميط عنها الأذى فطلَّقها فتزوَّجها عليّ بن عبد الله بن عبّاس فضَربه الوليد وقال: إنما تتزوج أمهاتِ أولاد الخُلفاء لتضع منهم. لأنّ مروان بن الحَكم إنما تزوَّج أُم خالد بن يزيد ليَضع منه. فقال عليّ بنُ عبد الله بن عباس: إنما أرادتْ الخُروج من هذه البلدة وأنا ابنُ عمها فتزوجتُها لأكون لها مَحرماً. وأما ضربهُ إياه في المرة الثانية فإن محمد بن يزيد قال: حدَّثني مَن رآه مَضروباً يُطاف به على بَعير ووجهُه مما يلي ذنَب البعير وصائح يصيح عليه: هذا عليّ بن عبد الله الكذّاب. قال: فأتيتُه فقلتُ: ما هذا الذي نسبوك فيه إلى الكَذِب قال: بلغهم أني أقول إن هذا الأمرَ سيكون في ولدي والله ليكوننَّ فيهم حتى تملكَهم عبيدُهم الصغار العُيون العِراض الوجوه الذين كأنّ وجوههم المجانّ المُطرقة. وفي حديث آخر: إن عليّ بن عبد الله دخل على هشام بن عبد الملك ومعه ابناه: أبو العباس وأبو جعفر فشكا إليه ديناً لزمه فقال له: كم دَينُك قال: ثلاثون ألفاً فأمر له بقضائه فشكره عليه وقال: وصلتَ رحماً وأنا أريد أن تستوصي بابنيَّ هذين خيراً. قال: نعم. فلما تولّى قال هشام لأصحابه: إن هذا الشيخَ قد أهْتَر وأَسنّ وخُولط فصار يقول: إن هذا الأمر سينقل إلى ولده. فسمعه عليّ بن عبد الله بن العباس فقال: والله ليكوننِّ ذلك وليملكنّ ابناي هذان ما تملكه. قال محمد بن يَزيد: وحدِّثني جعفرُ بنُ عيسى بن جعفر الهاشميّ قال: حضَر عليُّ بن عبد الله مجلسَ عبد الملك بن مروان وكان مُكرماً له وقد أهديت له من خُراسان جارية وفَصّ خاتمَ وسيف. فقال: يا أبا محمد إنّ حاضر الهدية شريكٌ فيها فاختر من الثلاثة واحداً. فاختار الجارية وكانت تسمَّى سُعدى. وهي من سَبي الصغْد من رهط عُجيف بن عَنْبسة فأولدها سليمان بنَ عليّ وصالح بن عليّ. وذكر جعفرُ بن عيسى أنه لما أولدها سليمان أجتنبت فراشه فمرض سليمانُ من جُدريّ خَرج عليه. فانصرف عليّ من مُصلاَّه فإذا بها على فراشه فقال: مرحباً بك يا أم سليمان. فوقع عليها فأولدها صالحاً. فاجتنبت فراشَه فسألها عن ذلك. فقالت: خِفتُ أن يموت سليمان في مَرضه فينقطع النسبُ بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فالآن إذ ولد تُ صالحاً فالبحرّي إن ذهب أحدهما بقي الآخر وليس مِثلي وطيئة الرجال. وزعم جعفرٌ أنه كانت في سليمان رُتّة وفي صالح مثلُها وأنها موجودة في آل سليمان وصالح. وكان عليّ يقول: أكره أنْ أوصي إلى محمد ولدي وكان سيدَ ولده وكبيرَهم فأشينه بالوصيّة فأَوصى إلى سليمان. فلما دُفن عليّ جاء محمد إلى سُعدى ليلاً ولْكن تأتي غدوة إن شاء الله. فلما اصبح غداً عليه سليمان بالوصية فقال: فقال: أخرجي لي وصيّة أبي. قالت: إن أباك أجلُّ من أن تُخرَج وصيّته ليلاً ولكن تأتي غدوة إن شاء الله. فلما أصبح غداً عليه سليمان بالوصية فقال: يا أبي ويا أخي هذه وصيّة أبيك. فقال: جزاك الله من ابنٍ وأخ خيراً ما كنت لأثَرِّب على أبي بعد موته كما لم أثَرِّب عليه في حياته. العُتبي عن أبيه عن جدّه قال: لما اشتكى معاويةُ شكاتَه التي هلك فيها أرسل إلى ناس من جلّة بني أمية ولم يحضرها سفياني غيري وغير عثمان بن محمد فقال: يا معشر بني أمية إني لما خِفْتُ أن يسبقكم الموتُ إليَّ سبقته بالموعظة إليكم لا لأرد قَدَراً ولكن لأبلغِ عُذْراً. إن الذي اخلِّف لكم من دنياي أمرٌ ستُشاركون فيه وتُغْلبون عليه والذي أخَلف لكم من رأى أمر مقصور لكم نَفْعه إن فعلتموه مَخوف عليكم ضرَره إن ضَيّعتموه. إن قريشاً شاركتكم في أنسابكم وانفردتُم دونها بأفعالكم فقدَّمكم ما تقدمتُم له إذ أخَّر غيرَكم ما تأخروا عنه ولقد جُهل بي فَحَلمْت ونُقر لي ففهمت حتى كأني أنظر إلى أبنائكم بعدكم كنظري إلى آبائهم قبلهم. إنّ دولتكم ستطول وكل طويل مملول وكل مملول مخذول. فإذا كان ذلك كذلك كان سببُه اختلافَكم فيما بينكم واجتماعَ المختلفين عليكم فيُدْبر الأمرُ بضد ما اقبل به. فلستُ أذكر جسيماً يُركب منكم ولا قبيحاً يُنتهك فيكم إلا والذي أمسك عن ذكره أكثُرُ وأعظم ولا مُعوّل عليه عند ذلك أفضلُ من الصبر واحتساب الأجر. سيمادكم القومُ دولتَهم امتداد العِنانين في عُنق الجواد حتى إذا بلغ الله بالإمر مَداه وجاء الوقتُ المبلول بريق النبيّ صلى الله عليه وسلم مع الحِلْقة المطبوعة على مَلالة الشيء المَحبوب كانت الدولةُ كالإناء المُكْفأ. فعندها أوصيكم بتقوى الله الذي لم يتَّقه غيركم فيكم فجعل العاقبةَ لكم والعاقبةُ للمتقين. قال عمرو بن عُتبة: فدخلتُ عليه يوماً آخر فقال: يا عمرو أوعيتَ كلامي قلت: وعيتُ. قال: أعِد عليّ كلامي فقد كلمتُكم وما أراني أمسي من يومكم ذلك. قال شبيبُ بن شَيبة الأهتميّ: حججت عامَ هلك هشامُ وولي الوليدُ بن يزيد وذلك سنة خمس وعشرين ومائة فبينما أنا مُريح ناحية من المسجد إذ طلع من بعض أبواب المسجد فَتى أسمرُ رقيقُ السمرة موفر اللمة. خفيف اللحية رَحب الجبهة أقنى بينّ القَنَى أعينُ كأنّ عينيه لسانان يَنطقان يخلط أبهة الأملاك بزيِّ النُّساك تَقبله القلوب وتَتبعه العيون يُعرف الشَرف في تواضعه والعِتْق في صُورته واللُّب في مِشيته. فما ملكتُ نفسي أن نهضتُ في أثره سائلاً عن خبره وسَبقنيِ فتحرَّم بالطواف فلما سبَّع قصد المقام فركع وأنا أرعاه ببصري. ثم نَهض مُنصرِفاً فكأن عيناً أصابته فكبا كَبوة دَميت لها إصْبعه فقعد لها القرفصاء فدنوتُ منه متوجّعاً لما ناله مُتّصلاً به أمسح رجله من عَفر التراب فلا يَمتنع عليَ ثم شققتُ حاشية ثوبي فعصبت بها إصبعه وما يُنكر ذلك ولا يَدْفعه ثم نهض متوكئاً عليّ. وانقدتُ له أماشيه حتى إذا أتى داراً بأعلى مكّة ابتدره رجلان تكاد صدورهما تَنفرج من هَيبته ففتحا له الباب. فدخل واجتذبني فدخلتُ بدخوله ثم خلّى يدي وأقبل على القِبْلة فصلى ركعتين أوجز فيهما في تَمام ثم استوى في صدر مجلسه فحمِدَ الله وأثنى عليه وصلَّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم أتم صلاة وأطيبها ثم قال: لم يَخْف عليّ مكانك منذ اليوم ولا فعلُك بي فمن تكون يرحمك اللهّ قلت: شَبيب بن شيبة التميميّ. قال: الأهتميّ قلتُ: نعم. قال: فرحّب وقَرّب ووصف قومي بابين بيان وأفصح لسان. فقلت له: أنا أجلك أصلحك اللّه عن المسألة وأحب المعرفة. فتبسم وقال: لطف أهل العراق أنا عبدُ الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس. فقلت: بأبي أنت وأمي ما أشبَهك بنَسبك وأدلَك على مَنْصبك ولقد سبق إلى قلبي من محبّتك ما لا أبلغه بوَصفي لك. قال: فأحمد الله يا أخا بني تميم فإنّا قوم يُسعد الله بحُبنا من احبّه ويُشقي ببُغضنا من أبغضه ولن يصل الإيمانُ إلى قلب أحدكم حتى يُحبَّ الله ويُحب رسوله ومهما ضَعُفنا عن جزائه قوِي الله على أدائه. فقلت له: أنت تُوصف بالقلم وأنا من حَمَلته وأيامُ الموسم ضَيقة وشُغل أهل مكة كثير وفي نفسي أشياء احب أن أسأل عنها أفتأذن لي فيها جُعلت فداك قال: نحن من أكثر الناس مُستوحشون وأرجو أن تكون للسرِّ موضعاً وللأمانة واعياً فإِن كنتَ كما رجوتُ فافعل. قال: فقدّمت من وثائق القول والإيمان ما سكَن إليه فتلا قولَ اللّه: " قلت: ما ترى فيمن على الموسم وكان عليه يوسف بن محمد بن يوسف الثَّقفي خال الوليد. فتنفّس الصُّعداء وقال: عن الصلاة خَلْفه تسألني أم كرهتَ أن يتأمَّر على آل الله مَن ليس منهم قلت: عن كلا الأمرين. قال: إن هذا عند الله لعظيم فأما الصلاة ففرضُ للّه تَعبّدَ به خلقَه فأدَ ما فرَض الله تعالى عليك في كل وقت مع كُل أحد وعلى كل حال فإن الذي نَدبك لحجّ بيته وحُضور جماعته وأعياده لم يُخبرك في كتابه بأنه لا يَقبل منك نُسكاً إلا مع أكمل المؤمنين إيماناً رحمةً منه لك ولو فعل ذلك بك ضاق الأمْر عليك فاسْمَح يُسمح لك. قال: ثم كرّرت في السؤال عليه فما احتجتُ أن أسأل عن أمر دين أحداً بعده. ثم قلت: يَزعم أهلُ العلم أنها ستكون لكم دولة. فقال: لا شكِ فيها تَطلع طُلوعَ الشمس وتَظهر ظهورَها فنسأل الله خيرَها ونعوذ بالله من شرها فخِذ بحظّ لسانك ويدك منها إن أدركتَها. قلت: أو يتخلّف عنها أحد من العرب وأنتم سادتها قال: نعم قَوم يأبون إلا الوفاء لمن أصطنعهم ونأبى إلا طلباً بحقنا فنُنصر ويُخذلون كما نُصر بأولنا أولُهم ويُخذل بمُخالفتنا من خالف منهم. قال: فاسترجعتُ. فقال: سَهِّل عليك الأمر " وليس ما يكون منهم بحاجز لنا عن صِلة أرحامهم وحفظ أعقابهم وتجديد الصّنيعة عندهم. قلت: كيف تسلم لهم قلوبُكم وقد قاتلوكم مع عدوّكم قال نحن قوم حُبّب إلينا الوفاء وإن كان علينا وبُغِّض إلينا الغَدر وإن كان لنا وإنما يَشد علينا منهم الأقل فأما أنصار دَولتنا ونُقباء شِيعتنا وأمراء جُيوشينا فهم مواليهم ومَوالي القوم من أنفسهم. فإذا وَضعت الحرب أوزارها صَفحنا بالمُحسن عن المسيء ووَهبنا للرجل قومه ومَن اتصل بأسبابه فتذهب النَّائرة وتَخبو الفِتْنة وتطمئنّ القلوب. قلت: ويقال: إنه يُبتلى بكم مَن أخلص لكم المَحبة. قال: قد رُوي أن البلاء أسرعُ إلى مُحبِّينا من الماء إلى قراره. قلت: لم أُرد هذا. قال فمَهْ قلت: تَعُقّون الولي وتحظون العدو قال مَن يسعد بنا من الأولياء أكثر ومن يَسلم منا من الأعداء أقلّ وأَيسر وإنما نحن بَشر وأكثرنا أذن ولا يعلم الغيبَ إلا الله وربما استترت عنّا الأمور فنقع بما لا نُريد وإن لنا لإحساناً يَأسو الله به ما نَكْلم ويَرُمّ به ما نَثْلم ونستغفر الله مما لا نَعلم وما أنكرتُ من أن يكون الأمرُ على ما بلغك ومع الوَليّ التعزُّز والإدلال والثِّقة والاسترسال ومع العدوّ التحرّز والإحتيال والتذلّل والإغتيال وربما أمَلَّ المُدِلّ وأخلَّ المُسترسل وتجانب المُتقرّب ومع المقة تكون الثقة على أنّ العاقبةَ لنا على عدوّنا وهي لوليّنا وإنك لسؤول يا أخا بني تميم. قلت: إني أخاف أن لا أراك بعد اليوم. قال: إني لأرجو أن أراك وتراني كما تحب عن قَريب إن شاء الله تعالى. قلت: عَجّل الله ذلك. قال: آمين. قلتُ: ووهب لي السلامة منكم فإني من مُحبِّيكم. قال آمين وتبسم. وقال: لا بأس عليك ما أعاذك الله من ثلاث. قلت: وما هي قال: قدْح في الدين أو هَتْك للمُلك أو تُهمة في حُرمة. ثم قال: احفظ عنّي ما أقول لك: أصدُق وإن ضرك الصدق وأنصَح وإن باعدك النُّصح ولا تجالس عدوّنا وإن أَحظيناه فإنه مَحذول ولا تَخذل ولينا وإن أبعدناه فإِنه مَنصور وأصحبنا بترك المُماكرة وتواضع إذا رفعوك وصِلْ إذا قطعوك ولا تَستخْفِ فيمقتوك ولا تَنْقبض فيتحشَّموك ولا تبدأ حتى يبدءوك ولا تخطب الأعمال ولا تتعرَّض للأموال. وأنا رائح من عَشيتي هذه فهل من حاجة فنهضتُ لوداعه فودَّعته ثم قلت: أترقتُ لظهور الأمر وقتاً قال: الله المقدِّر المُوقِّت فإذا قامت النَّوحتان بالشام فهما آخر العلامات. قلت: وما هما قال: موت هشام العامَ وموتُ محمد بن عليّ مستهلَّ ذي القعدة وعليه أخْلِفتْ وما بلغْتكم حتى أنضيت. قلتُ: فهل أَوْصى قال نعم إلى ابنه إبراهيم. قال: فلما خرجت فإذا مولى له يَتْبعني حتى عَرف منزلي ثم أتاني بكُسوة من كُسوته فقال: يأمرك أبو جَعفر أن تصلَيَ في هذه قال: وافترقنا. قال: فوالله ما رأيتُه إلا وحرسيَّان قابضان عليّ يُدنياني منه في جَماعة من قومي لأُبايعه. فلما نَظر إليَّ أَثبتنَي فقال: خلِّيا عمن صحَت مودتُه وتقدَمت حُرمته وأخدتْ قبل اليوم بيعتُه. قال: فأكبر الناسُ ذلك من قوله ووجدتهُ على أوّل عهده لي ثم قال لي: أين كنتَ عنّي في أيام أخي أبي العبّاس. فذهبتُ أعتذر. قال: أَمسِك فإنّ لكل شيء وقتاً لا يعدوه ولن يَفوتك إن شاء الله حظُّ مودّتك وحق مُسابقتك فاختر بين رِزْقٍ يَسعك أو عمل يرفعك. قلت: أنا حافظ لوصيَّتك. قال: وأنا لها أحفظ إنما نهيتُك أن تخطُب الأعمال ولم أَنهك عن قَبولها. قلت: الرزقُ مع قرب أمير المؤمنين أحبُّ إليَّ. قال: ذلك لك وهو أجمّ لقلبك وأَودع لك وأعفَى إن شاء الله ثم قال: هل زدتَ في عِيالك بعدي شيئاً وكان قد سألني عنهم فذكرتُهم له فعجبتُ من حفظه قلت: الفرسَ والخادم. قال: قد أَلحقنا عيالَك بعيالنا وخادمك بخادمنا وفرسك بخَيلنا ولو وسعني لحملتُ إليك بيت المال وقد ضممتُك إلى المهديّ وأنا أُوصيه بك فإنه أَفرغ لك مني. قال لأحوص بن محمد الشاعر الأنصاريّ من بني عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الذي حَمت لَحمه الدَّبْر يُشبِّب بامرأة يقال لها أم جعفر فقال فيها: أدورُ ولولا أن أرى أم جَعفر بأبياتكم ما دُرت حيث إِدُور وكان لأم جعفر أخٌ يقال له أيمن فأستعدَى عليه ابنَ حَزم الأنصاري وهو والي المدينة للوليد بن عبد الملك وهو أبو بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزم فبعث ابنُ حزم إلى الأحوص فأتاه. وكان ابنُ حزم يُبغضه فقال: ما تقول فيما يقول هذا قال: وما يقول قال: يزعم أنك تُشبّب بأخته ولد فضحتَه وشَهرت أخته بالشعر. فأنكَر ذلك. فقال لهما: قد اشتبه علي أمرُكما ولكنني أدفع إلى كُل واحد منكما سَوطاً ثم اجتِلدا وكان الأحوص قصيراً نحيفاً وكان أيمن طويلاً ضخماً جَلْداً. فغلب أيمنُ الأحوصَ فضَربه حتى صَرعه وأثخنه. فقال أيمن: لقد مَنع المعروفَ من أم جعفر أشمُ طويلُ السّاعدين غَيورُ قال: فلما رأى الأحوص تحامُلَ ابْنِ حزم عليه امتدح الوليدَ ثم شَخص إليه إلى الشام فدخل عليه فأنشده: لا ترثين لَحزْميٍّ رأيتَ به ضُرًّا ولو ألقي الحَزميُّ في النار الناخسين لمَروان بذي خُشُب المُدْخلين على عُثمان في الدار قال له صدقتَ والله لقد كُنّا غَفلنا عن حزم وآل حزم ثم دعا كاتبَه فقال: اكتُب عهد عثمان بن حيّان المُري على المدينة وأعزِل ابن حزم واكتُب بقبض أموال حَزم وآل حَزم وإسقاطهم أجمعين من الديوان ولا يأخذون لأمويّ عطاءً أبداً ففعل ذلك. فلم يزالوا في الحِرمان للعطاء مع ذَهاب الأموال والضِّياع حتى انقضت دولةً بنى أمية وجاءت دولة بني العبّاس. فلما قام أبو جعفر المنصور بأمر الدولة قدم عليه أهل المدينة فجلس لهم فأمر حاجبَه أن يتقدّم إلى كل رلّ منهم أن يَنتسب له إذا قام بين يديه فلم يزالوا على ذلك يفعلون حتى دخل عليه رجلٌ قَصير قَبيح الوجه فلما مَثل بين يديه قال له: يا أمير المؤمنين أنا ابنُ حزم الأنصاريّ الذي يقول فينا الأحوص: لا تَرثينّ لحزميٍ رأيتَ به ضرًا ولو ألقي الحَزميُّ في النار الناخسين لمروان بذي خُشب والمدخلين على عثمان في الدار ثم قال: يا أمير المؤمنين حُرمنا العطاء منذ سِنين وقُبضت أموا لُنا وضياعُنا. فقال له المنصور: أعِد عليَّ البيتين. فأعادهما عليه. فقال: أما والله لئن كان ذلك ضَرَّكم في ذلك الحين ليَنفعنَّكم اليوم ثم قال: عليَ بسليمان الكاتب. فأتاه أبو أيوب الخُوزيّ. فقال: اكتُب إلى عامل المدينة أن يَرُدّ جميع ما اقتطعه بنو أميَّة من ضِياع بني حَزم وأموالهم ويَحسب لهم ما فاتَهم من عطائهم وما استُغلَّ من غَلاّتهم من يومئذٍ إلِى اليوم فيُخلف لهم جميعَ ذلك من ضِياع بني مَروان ويَفْرض لكُل واحد منهم في شرَف العطاء - وكان شرفُ العطاء يومئذ مائتي ألف دينار في السنة - ثم قال: عليَّ الساعة بعشرة آلاف دَرهم تُدفع إلى هذا الفتى لنَفقته. فخرج الفتى من عنده بما لم يَخرج به أحد ممن دخل عليه. ذكر خلفاء بني العباس وصفاتهم ووزرائهم أبو العباس السفاح ولد أبو العبَّاس عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المطلب مُستهل رجب سنةَ أربع ومائة. وبُويع له بالكوفة يومَ الجمعة لثلاثَ عشرةَ ليلةً خلت من ربيعٍ الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وتُوُفِّي بالأنبار لثلاثَ عشرَةَ ليلةً خلت من ذي الحجَّة سنةَ ستّ وثلاثين ومائة. فكانت خلافتُه أربعَ سنين وثمانيةَ أشهر. وأمه رَيطة بنتُ عبيد الله بن عبد الله ابن عبد المَدان. وكان أبيضَ طويلاً أقنَى الأنف حسنَ الوجه حسنَ اللّحية جعدَها. نقشُ خاتمه " الله ثقة عبد الله وبه يؤمن ". وصلى عليه عمُه عيسى بن عليّ. ورُزق من الولد اثنين: محمد من أم ولد ومات صغيراً وابنة سمَّاها رَيطة من أم ولد تزوَّجها المهديُّ وأولدها عليّاً وعُبيد اللّه. ووَزَر له أبو سَلمة حَفْص بن سليمان الخلال وهو أول من لُقِّب بالوزارة. فقتلهِ أبو العبّاس وأستوزر بعده خالَد بن بَرْمك إلى آخر أيَّامه وكان حاجَبه أبو غسان صالحُ بن الهيثم وقاضيَه يحيى بنُ سعيد الأنصاريّ. وبُويع أبو جعفر المنصور. واسمه عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله ابن العبّاس في اليوم الذي تُوفِّي فيه أخوه لثلاثَ عشرةَ خلت من ذي الحجَّة سنةَ ستّ وثلاثين ومائة. وكان مولدُه بالشراة لسبعٍ خَلونَ من ذي الحجة سنةَ خمس وتسعين. وتُوفِّي بمكة قبل التَرْوية بيوم لسبعٍ خَلَونَ من ذي الحجة سنة ثمانٍ وخمسين ومائة وهو مُحْرم. ودُفن بالحَجون. وصلَّى عليه إبراهيمُ بن يحيى بن محمد بن عليّ بن عبد الله بنِ العبِّاس. وكانت مُدَّة خلافته اثنتين وعشرين سنة إلا ثمانيةَ أيام. وكانت سِنّه ثلاثاً وستين سنة. وأمُّه أَمَة اسمها سَلامة. وجِنْسها بربرية. وكان أسمرَ طُوالاً نحيفَ الجسم خفيفَ العارضين يَخْضِب بالسواد. ونقش خاتمه " الله ثقة عبد الله وبه يؤِمن ". وتزوَج بنت منصور الحِمْيرية وولدت له: محمداً وهو المهديُّ وجعفراً. وكانت شرطت عليه ألا يتزوج ولا يتسرَّى إلا عن أمرها. وكان قد ابتاع جاريته أمَّ عليّ وجعلها قيِّماً في داره على أمِّ موسى وأولاده. فحظيت عند أمِّ موسى وسألته التسرِّي بها لمَا رأت من فضلها. فواقعها فأولدها عليّاً وتوفي قبل استكمال سَنة ثم فاطمة بنت محمد من ولد طَلحة بن عُبيد اللّه فولدت له سُليمان وعيسى ويعقوب. ورُزق من أمهات الأولاد: صالحاً والعالية وجعفراً والقاسمَ والعبَّاس وعبد العزيز. ووُزر له ابنُ عطية الباهليّ ثم أبو أيوب الموريانيّ ثم الربيع مولاه. وكان حاجبه عيسى بنُ روضة مولاه ثم أبو الخَصيب مولاه. وكان قاضيَه عبدُ الله بن محمد بن صفوان ثم شريك بن عبد اللّه والحسن بن عمار والحجَّاج بن أرطاة. المهدي ثم بُويع ابنُه أبو عبد الله محمد المهديُ بن عبد الله المَنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبَّاس صبيحة اليوم الذي تُوفي فيه أبوه لستٍّ خلَوِن من ذي الحجة سنةَ ثمان وخمسين ومائة. وكان مولدُه بالحميمة يومَ الخميس لثلاث عشرةَ ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وتُوفي بما سَبَذان في المُحرم سنة تسع وستين ومائة. وصلّى عليه ابنُه الرشيدُ - فكانت خلافته عشرَ سنين وخمسةً وأربعين يوماً. وكانت سنه إحدى وأربعين سنة وثمانيةَ أشهر ويومين. وكان أسمرَ طويلاً معتدلَ الخلف جعدَ الشعر بعينه اليمنى نُكتة بياض نقش خاتمه " الله ثقة محمد وبه يؤمن " وتزوَج رَيطة بنت السفاح وأولدها علياً وعُبيد اللهّ. وأول جارية ابتاعها مَحْياة فرُزق منها ولداً مات قبل استكمال سنة. وكان يبتاع الجواري باسمها وتُقَربهن إليه. وأول من حَظِي منهن عنده رحيم ولدت له العباسة ثم الخَيزران فولدت له موسى وهارون والبانوقة ثم حللة وحَسنة وكانتا مغنيتين مُحسنتين. وتزوج سنة تسع وخمسين ومائة أمَ عبد الله بنت صالح بن علي أخت الفضل وعبد اللهّ وأعتق الخيزران في السنة وتزوَّجها. ووَزر له أبو عبد الله مُعاوية بن عبد الله الأشعري ثم يعقوب بن داود السلمي ثم الفيض بن أبي صالح. واستحجب سلامان الأبْرش. واستخلف علي القضاء محمد بن عبد الله بن عُلاثة وعافيةَ بن يزيد كانا يَقْضيان معاً في مسجد الرُصافة. الهادي ثم بويع ابنُه أبو محمد موسى الهادي بن المهديّ مستهل صفر سنة تسع وستين ومائة. وتُوفي ليلة الجمعة لأربعَ عشرةَ ليلةً خلت من شهر ربيعِ الأول سنة سبعين ومائة بعِيساباد. وصلّى عليه أخوه الرشيد. وكانت خلافتُه سنة وشهرين إلا أياماً. وكانت سنُّه ستاً وعشرينِ سنة. وكان أبيضَ طويلاً جسيماً بشَفته العليا تقلُص. نقش خاتمه " الله ربي ". وتزوَّج أمةَ العزيز فأولدها عيسى ثم رحيم فأولدها جعفراً ثم سعوف فأولدها العباس واشترى جاريته حسنة بألف درهم وكانت شاعرةً فرُزق منها عدَة بنات منهن أم عيسى تزوَّجها المأمون. وكان له من أمهات الأولاد عبد الله وإسحاق وموسى وكان أعمى. ووَزر له الربيع بن يونس ثم عمر بن بَزيع. واستحجب الفضلَ بن الربيع. وولى القضاء أبا يوسف يعقوب بن إبراهيمَ في الجانب الغربيّ وسعيدَ بن عبد الرحمن الجُمحيّ بالجانب الشرقي. هارون الرشيد ثم بُويع أخوه أبو محمد هارون الرشيد في اليوم الذي توفي فيه أخوه يومَ الجمعة لأربَع عشرةَ ليلةً خلت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة. وفي هذه الليلة وُلد عبد الله المأمون. ولم يكن في سائر الزمان ليلة وُلد فيها خليفة وتُوفي فيها خليفة وقام فيها خليفة غيرها. وكان مولد الرشيد في المُحرم سنة ثمان وأربعين ومائة. وتُوفِّي في جُمادى الأولى سنةَ ثلاث وتسعين ومائة ودُفن بطوس. وصلَّى عليه ابنُه صالح. فكانت خلافتُه ثلاثاً وعشرين سنة وشهراً وستةَ عشر يوماً. وكانت سنُه ستًا وأربعين سنة وخمسة أشهر. ولما أفضتْ إليه الخلافةُ سلّم عليه عمُه سليمان المَنصور والعبَّاس بن محمد عُم أبيه وعبدُ الصمد ابن علي عمّ جده فعبدُ الصمد عم العباس والعبّاس عمُّ سليمان وسِليمان عم هارون. وكان الرشيد أبيضَ جسيماً طويلاً جميَلاً. قد وَخطه الشيب. نقش خاتمه " وهي ابنة جعفر بن المَنصوِر أولدها محمداً الأمين ثم مراجل فأولدها عبد الله المأمون وماردة أولدها محمداً المعتصم ونادر ولدت له صالحاً وشجا ولدت له خديجة ولبابة وسريرة ولدت محمداً وبَربرية ولدت له أبا عيسى ثم القاسم وهو المؤتمن وسكينة وحث فولدت له إسحاق وأبا العبَّاس. وَوزر له جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي وقَتله ثم الفضل بن الربيع. واستحجب بِشرَ بن ميمون مولاه ثم محمد بن خالد بن بَرمك. واستخلف على قَضاء الجانب الغربي نُوحَ بن دَرَّاج وحفصَ بن غِياث. الأمين ثم بويع أبو عبد الله محمد الأمين في جُمادي الآخرة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. وقُتل يومَ الأحد لخمس بقين من المُحرم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وكان مَولده بالرُّصافة سنةَ إحدى وسَبعين ومائة في شوَّال. فكانت خلافته أربعَ سنين وستةَ أشهر وأياماً. صفا له الأمر في جُملتها سنتين وشهراً. وكانت الفتنة بينه وبين أخيه سَنتين. وكان طويلاً جسيماً جميلاً حسنَ الوجه بعيدَ ما بين المَنْكبين أشقرَ سبطاً صغير العَينين به أثر جُدري. نقش خاتمه " محمد واثق بالله ". ورُزق من الولد موسى من أم ولد تُدعى نَظم ولَقبه الناطق بالحق وضرَب اسمَه على الدراهم. وذكر الصُّولي قال: حدّثني مَن قرأ على دِرهم: كُل عز ومفخر فلمُوسى المُظفِّرِ مَلك خُطَّ ذِكْرُه في الكَتاب المُسَطّرِ نفسي فداؤك لا يذهب بك التلف ففي بَقائك ممَّن قد مَضى خَلف عُوِّضت مُوسى فماتت كُال مَرزية ما بعد مُوسى على مَفقودةٍ أسف وبايع لابنه مولى في حياته ولأخيه عبد اللّه وأمه أمّ ولد ونَقَش اسمَه أيضاً على الدراهم. وكان لجعفر بن موسى الهادي جاريةِّ اسمُها بَذْل فطلبها الأمين منه فأبى عليه وكان شديدَ الوجد بها. فزاره الأمينُ يوماً فسُر به وزاد عليه في الشرب حتى ثمل فانصرف وأخذ الجارية. فلما أصبح جعفر نَدم على ما جرى ولم يَدْر ما يصنع. فدخل على الأمين. فلما مَثل بين يديه قال له: أحسنت والله يا جعفر بدَفعك بذل إلينا وما أحسنّا. ووَقر زَورقه بعشرين ألفَ ألفِ درهم. ووَزر للأمين الفضلُ بن الرَّبيع إلى آخر أيامه. وكان حاجبَه العباسُ بن الفضل بن الربيع ثم عليُّ بن صالح صاحب المُصلّى ثم السِّندي بن شاهك. المأمون ثم بُويع أبو العبِّاس عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بعد قَتل أخيه يومَ الخميس لخمس خلون من صفر سنة ثمان وتسعين ومائة. وكان مولدُه بالياسرية في ليلة الجمعةَ لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة. وتُوفي بالبَذَنْدُون سنة ثماني عشرة ومائتين لثمانٍ خلون من رجب. ودُفنِ بطرسوس فكانت خلافتُه عشرين سنة وخمسة أشهر وثلاثةَ عشرَ يوماً وكانت سنُه ثمانياً وأربعين سنة وأربعةَ أشهر إلا أياماً. وكان أبيضَ تعلوه شُقرة أجنأ أعينَ طويلَ اللحية رقيقَها ضيقَ الجبين بخدِّه خالٌ أسود وكان قد وَخطه الشيب. نَقْش خاتمه " سَل الله يُعطك ". وكان الرشيد حدَّ المؤمون. وذلك أنه دَخل على الرشيد وعنده مُغَنية تُغنيه فلَحنت فكسر المأمون عينه عند استماعه اللحن فتغيّر لونُ الجارية وفَطن الرشيد لذلك فقال: اعْلمتها بما صنعت قال: لا والله يا مولاي. قال: ولا أومأتَ إليها قال: قد كان ذلك. فقال: كُن منّي بمرأى ومَسمع فإذا خرج إليك أمرى فانته إليه ثم أخذ دواةً وقرطاساً وكتب إليه: يا آخذ اللَّحن على ال قينة عند الطَربِ تُريد أن تفهمها حدَّ لُغات العرب أقسم بالله وما سَطَر أهلُ الكُتب للكَلب خيرٌ أدباً مِن بعض أهل الأدب إذا قرأتَ ما كتبتُ به إليك فَأمُر مَن يضربك عشرين مَقرعة جياداً. فدعا المأمون البوابين ثم أمرهم ببَطحه وضَربه فامتنعوا. فأقسم عليهم فامتثلوا أمره. ورُزق من الولد محمداً الأصغر وعُبيد اللّه من أم عيسى بنت موسى الهادي. وتزوَّج بُوران بنت الحسن بن سَهل بنى بها سنةَ عشر ومائتين ووَهب لأبيها عشرةَ آلافِ ألفِ درهم ولولده ألفَ ألفِ درهم. وكان له عدّة أولاد من بنين وبنات. ووَزر له الفضلُ بن سهل ذو الرياستين ثم الحسنُ بن سهل ثم أحمد بن أبي خالد ثم أحمد بن الأحول يوسف ثمِ ثابت بن يحيى ثم محمد بن يزداد. واستحجب عبدَ الحميد بن شَبيب ثم محمداً وعلياً ابني صالح مولى المنصور. المعتصم باللّه ثم بُويع أخوه أبو إسحاق المُعتصم بن الرشيد يومَ الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين. وكان مولده في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين ومائة. وتُوفي بسرَ من رأىِ يوم الخميس لاثنتي عشرةَ ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين. وصلّى عليه ابنُه هارون الواثق. وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر. وأمه أم ولد يقال لها ماردة. وكان أبيضَ أصهبَ اللحية طويلها مَربوعاً مُشرب اللون حُمْرةً. نقش خاتمه " الله ثقة أبي إسحاق بن الرشيد وبه يؤمن " وكان شديدَ البأس حَمل باباً من حديد فيه سبعُمائةٍ وِخمسون رطلاً وفوقه عِكام فيه مائتان وخمسون رطلاً وخَطا خُطا كثيرة وكان يُسمَى ما بين إصبعي المُعتصم المِقطرة لشدّته. وإنه أعتمد يوماً على غلام فدقَّه. وذكر الصُوليّ أنه كان يسمى المُثمّن وذلك أنه الثامن من خلفائهم. ومولده سنة ثمان وسبعين ومائة. ووَلي الأمرَ في سنة ثماني عشرة ومائتين وله ثماني وأربعون سنة. وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر. ورُزق من الولد الذَكور ثمانية ومن الإناث ثمانياً. وغزا ثماني غزوات. خلَّف في بيت ماله ثمانية آلافِ دينار ومن الوَرِق ثمانية آلاف ألف درهم. ووَزر له الفضلُ بن مروان ثم أحمد بن عمَّار ثم محمد بن عبد الملك الزيات. واستحجب وَصيفاً مولاه ثم محمد بن حمّاد بن دَنْفش. الواثق ثم بويع ابنه أبو جعفر هارون صبيحةَ اليوم الذي تُوفي فيه أبوه يومَ الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنةَ سبع وعشرين ومائتين. وكان مولدُه يوم الاثنين لعشر بقين من شعبان سنة ستّ وتسعين ومائة. وتُوفي بسُرَ مَن رأى يوم الأربعاء لستٍّ بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وصلّى عليه أخوه المتوكّل. فكانت خلافتُه خمسَ سنين وتسعةَ أشهر وثلاثةَ عشر يوماً. وكانت سنّه ستاً وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأياماً. وكان أبيضَ إلى الصُّفرة حسنَ الوجه جسيماً في عينه اليمنى نُكتة بياض نقش خاتمه " محمد رسول الله " وخاتم آخر " الواثق بالله ". ورُزق من الولد محمداً المُهتدي وأبا وأمه أم ولد يقال لها قُرب وعبد الله وأبا العبَّاس أحمد وأبا إسحاق محمداً وأبا إسحق إبراهيم. ووزر له محمد بن عبد الملك الزيات. وحاجبه إيتاخ ثم وصيف مولاه ثم ابن دَنفش. وقاضيه ابن أبي دُواد. المتوكل ثم بُويع أخوه أبو الفضل جعفر المتوكّل يومَ الأربعاء لستً بقين من ذي لحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وكان مولده يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة ست ومائتين. وقُتل ليلةَ الأربعاء لثلاث خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين ودُفن في القصر الجعفري. وصلى عليه ابنهُ المُنتصر ولمن عهده. فكانت مدةُ خلافته أربعَ عشرةَ سنة وتسعة أشهر وتسعة أيام. وكان أسمرَ كبيرَ العينين نحيفَ الجسم خفيفَ العارضين. نقَش خاتمه " على إلهي اتكالي ". وكان كثيرَ الولد. وَزر له محمد بن عبد الملك الزيات ثم محمد بن الفضل الجُرجانيّ ثم عبيد الله بن يحيى بن خاقان. واستحجب وصيفاً التّركي ثم محمد بن عاصم ثم إبراهيم بن سهل. وكان خليفتَه على القضاء يحيى بن أكثم. المنتصر ثم بويع ابنُه أبو جعفر محمد المنتصر لأربع خلوان من شوّال سنة سبع وأربعين ومائتين. وكان مولدُه يومَ الخميس لستٍّ خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين ومائتين. ومات ليلة السبت لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين. فكانت خلافتُه ستة أشهر وسنّه ستاً وعشرين سنة إلا ثلاثةَ أيام. وكان قصيراً أَسمرَ ضخم الهامة عظيمَ البطن جَسيماً على عينه اليمنى أثر. نقَش خاتمه " يؤتى الْحذِر من مأمنه " وعلى خاتم آخر " أنا من آل محمد. الله وليّ ومحمد ". ورُزق من الولد عليا وعبدَ الوهاب وعبدَ الله وأحمدَ. المستعين ثم بويع المُستعين أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن المعتصم يوم الاثنين لأربع خَلون من شهر ربيع الآخر سنةَ ثمان وأربعين ومائتين. وخلع نفسه بموافقة المُعتزّ بوساطة أبي جعفر المَعروف باْبن الكردية يومِ الجمعة لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر. وكان مولده يوم الثلاثاء لأربع خلون من رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين. وقُتل بالقادسية مع خَلعه نفسَه بتسعة أشهر. وأمه أم ولد يقال لها مخارق. وكان مربوعاً أحمرَ الوجه أشقَر مُسْمِناً عريض المنكبين ضخم الكراديس خفيف العارضين بوجهه أثر جُدري ألثغ بالسين. نقش خاتمه " في الاعتبار غِنى عن الاختبار ". وزر له أحمدُ بن الخَصيب فنكبه وقلّد مكانَه ابنَ يَزْداد ثم شُجاع بن القاسم كاتب أوتامش وأوتامش هذا حاجبه. وكانت سنه إحدى وثلاثين سنة إلا ثمانية أيام. المعتز ثم وَلِى أبو عبد الله محمد المعتزّ بن المتوكّل يومَ الجمعة. لأربع خلون منِ المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وكانت الفِتنة قبل ذلك بينه وبين المستعين سنةَ. وقُتل عشيةَ يوم الجمعة لليلة خلتْ من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وكان مولده يومَ الخميس لإحدى عشرةَ ليلةً خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وكانت خلافتُه منذ بُويع له واجتمعت الكلمةُ عليه ثلاثَ سنين وستةَ أشهر وثلاثة وعشرين يوماً ومنذ بايعه أهل سُرِّ من رأى إلى أن قُتل أربعَ سنين وستة أشهر وخمسة عشر يوماً. وقتله صالح بن وَصيف. وكان أبيض شديدَ البياض رَبْعة حسنَ الجسم على خدِّه الأيسر خالٌ أسود الشعر. نقش خاتمه " الحمد للهّ رب كل شيء وخالق كل شيء ". وزر له جعفر بن محمود الإسكافي ثم عيسى بن فرخان شاه ثم أحمد ابن إسرائيل الأنباري. وحاجبه سَماء بن صالح بن وصيف. وكانت سنه أربعاً وعشرين سنة وشهرين وأياماً. المهتدي ثم بويع المهتدى أبو عبد الله محمد بن الواثق بسُرَّ من رأى يومَ الأربعاء لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين. وكان مولده يومَ الأحد لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة تِسع عشرة ومائتين: وقُتل بسرَ من رأى بسَهم لحقه يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين. فكانت خلافتُه أحدَ عشرِ شهراً وأربعةَ عشر يوماً. وكانت سنة سبعاً وكان أبيضَ مُشرباً حُمرة صغيرَ العينين أقنى الأنف في عارضيه شيب و خَضب لما ولي الخلافة: نقش خاتمه " من تعدَى الحق ضاق مذهبه!. وزَر له أيوب سليمان بن وَهب. وحاجبه باك باك. المعتمد ثم بويع أبو العبَّاس أحمد المعتمد بن المتوكل يومَ الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ستٍ وخمسين ومائتين. وكان مولده يوم الثلاثاء لثمان بقين من المحرم سنة تسع وعشرين ومائتين. فكانت خلافتُه ثلاثاً وعشرين سنة. وكانت سنه خمسين سنة وخمسةَ أشهر واثنين وعشرين يوماً. ومات أخوه وولىّ عهده طَلحة الموفّق في أيامه في صفر سنة ثمان سبعين ومائتين وكان قد غَلب على الأمر لمَيل الناس إِليه. وكان المعتمد قد عَقد لولده جعفر ولقبه المُفوض وبعدَه لأبي أحمد طلحة الموفّق فاشتد أمرُ الموفَق وقتل صاحب الزنج في سنة سبعين ومائتين ومَال الناس إِليه واسمه الناصر لدين للَه وكان يُدْعى له على المِنبر في أيام المعتمد وكان الموفّق حَبس ابنَه أبا العباس المعتضد فلما حضرتْه الوفاةُ أطلقه للقيام بالأمر وأجرى المُعتمد أمرَه على ما كان يَجري عليه أمر أبيه الموفق وافرده بولاية العهد وأمر بكَتْب الكُتب بخلع ابنه المفوض وأفرد وكان المعتمد أسمر مربوعاً نحيفَ الجسم حسنَ العينين مدوَر الوجه على وجه أثر جُدريّ. نقش خاتمة " السعيدُ من كفي بغيره ". ووَزر له عبيدُ الله يحيى ابن خاقان ثم سليمان بن وهب ثم الحسن بن مَخلد ثم صاعد بن مخلد ثم أبو الصقر إسماعيل بن بلبل. حاجبه موسى بن بغا ثم جعفر بن بغا ثم بكتمر. المعتضد وبُويع المعتضد أبو العباس أحمد بن المُوفق في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين. - وكان مولده في جُمادى الآخرة سنةَ ثلاث وأربعين ومائتين. وتُوفى ببغداد ليلة الثلاثاء لسبع بقين من شهر - ربيع الأخر سنة تسع وثمانين ومائتين. وصلى عليه أبو عمر القاضي. فكانت خلافته تسعَ سنين وتسعة أشهر وأربعة أيام. وكانت سنّه خمساً وأربعين سنة وتسعةَ أشهر وأياماً: وأمه ضرِار. وكان نحيفَ الجسم معتدلَ القامة طويلَ اللحية أسمر. نَقْش خاتمة الاضطرار يزيل الاختيار ووَزر له عُبيد الله بن سليمان بن وهب ثم ابنُه القاسم بن عُبيد اللّه. وحاجبه صالح الأمين. المكتفي ثم بُويع ابنُه أبو محمد علىّ بن المُعتضد يومَ الثلاثاء لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين. وكان مولدُه في رَجب سنة أربع وستين ومائتين وتُوفى ببغداد فدُفن عند قبر أبيه ليلةَ الأحد لثلاثَ عشرةَ ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين. وكانت خلافتُه ستَّ سنين وستة أشهر وعشرين يوماً. وكانت سنّه إحدى وثلاثين سنة وأربعةَ أشهر وأياماً. وأمه جيجق وقيل خاضع. وكان رَبْعة حسنَ الوجه أسودَ الشعر وافرَ اللحية عريضها ولم يَشِب إلى أن مات. نقش خاتمه " بالله على بن أحمد يثق. وخلّف في بيت ماله ستة عشر ألفَ ألفِ دينار ومن الوَرِق ثلاثين ألفَ ألفِ درهم. ووَزر له القاسم بن عُبيد الله ثم العباس بن الحسن ثم الحسن بن أيوب. وحاجبُه خَفيف السمَرْقَندىّ ثم سَوسن مولاه. المقتدر ثم بُويع المقتدر وهو أبو الفضل جعفر بن المعتضد في اليوم الذي توفّى فيه أخوه يومَ الأحد لثلاث عشرةَ ليلةً خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين. وخُلع في خلافته دَفعتين الأولى بعد جلوسه بأربعة أشهر وأيام بابن المُعتز وبطل الأمر من يومه. والدَفعة الثانية بعد إحدى وعشرين سنة وشهرين ويومين من خلافته خَلع نفسه وأشهد عليه وأجلس القاهرَ يومين وبعضَ اليوم الثالث. ووقع الخُلف بين العسكرين وعاد المقتدرُ إلى حاله. وكان مولده لثمان بقين من شهر رمضان سنة لاثنتين وثمانين ومائتين. وقُتل بالشَّماسية يوم الأربعاءِ لثلاثٍ بقين من شوَّال سنة عشرِين وثلثمائة. فكانت خلافتُه خمساً وعشرين سنة إلا خمسةَ عشرا يوماً. وكانت سنّه ثمانياً وثلاثين سنة وشهراً وعشرين يوماً. وكان أبيضَ مَشرباً حُمرة حسنَ الخلق ضخم الجسم بعيد ما بين المَنكبين جعدَ الشعر مدوَرَ الوجه قد كَثُر الشيبُ في وجه. نقش خاتمه " الحمد للّه الذي ليس كمثله شيء وهو على كل شيء قدير ". وَوَزر له العبَّاس بن الحسن ثم علىّ بن محمد بن موسى بن الفُرات ثم عبيد الله بن خاقان ثم أبو الحسن علىّ بن عيسى بن داود بن الجراح ثم حامد بن العبّاس ثم أحمد بن عبيد الله الخَصيبي ثم محمد بن علىّ بن مُقلة ثم سليمان بن الحسن بن مَخلد بن الجراح ثم عُبيد الله بن محمد الكلوذاني ثم الحسين بن القاسم بن عُبيد الله بن سليمان بن وهب ثم الفضل بن جَعفر ابنِ موسى بن الفرات. واستحجب سَوسنا مولى المكتفي ونصراً القشوريّ وياقوتاً المعتضديّ وإبراهيم ومحمداً ابني رائق. القاهر ثم بويع أخوه أبو منصور محمد القاهر بن المعتضد يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلثمائة. وخُلع وسُمل يوم الأربعاء لخمس خلون من جُمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. وكان مولده لخمس خلون من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين ومائتين وكانت خلافتُه سنةً وستة أشهر وستة أيام. وعاش إلى أيام المطيع وكانت سنه وكان رَبْعة أسمر اللون معتدل القامة أصهب الشعر. وَوَزر له أبو علىّ محمد بن مُقلة ثم محمد بن القاسم بن عُبيد اللهّ ثم أحمد بن عُبيد الله الخَصيبىّ. واْستحجب علىّ بن بليق مولى يونس ثم سلامة الطولوني. الراضي ثم بويع الراضي أبو العباس أحمد بن المُقتدر يومَ الأربعاء لستٍّ خلون من جُمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. وكان مولده في رَجب سنةَ سبع وتسعين ومائتين. ومات ببغداد ليلةَ السبت لأربع عشرة بقيت من شهر ربيع الأول من سنة تسع وعشرين وثلثمائة. ودُفن بالرُصافة. وكانت خلافتهُ ستِّ سنين وعشرة أيام. وكانت سنّه إحدى وثلاثين سنة وثمانيةَ أشهر وأياماً. وأمه أمُّ ولد يقال لها ظَلوم. كان قصيرَ نحيفَ الجسم أسودَ الشعر رقيق السُّمرة في وجهه طول. نقش خاتمه " رسول الله ". ووزر له أبو علّيِ محمد بن مُقله ثم ابنُه أبو الحسين علي بن محمد ثم عبد الرحمن بن عيسى بَن داود بن الجرَّاح ثم محمد بن القاسم الكَرْخيّ ثم سُليمان بن الحَسن بن محمد بن الجراح ثم الفَضل بن جعفر بن الفرات ثم أبو عبد الله أحمد بن محمد اليزيديّ. واستحجب محمدَ بن ياقوت ثم ذكيّاً مولاه. المتقيَ ثم بويع أخوه المُتقي أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر يومَ الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة. وخلع وسمل يوم السبت لثمان خلون من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة. وكان مولده في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين. وكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهراً إلا أياماً. وكان أبيض تعلوه حُمرة أصهَبَ شَعرِ اللحية كثّ اللِّحية بفكه الأدنى عِوَج. نقش خاتمه " ثم محمد بن القاسم الكَرخي ثم أحمد بن عبد الله الأصبهانيّ ثم عليِّ بن محمد بن مُقلة. واستحجب سلامة مولى خُمارويه بن أحمد ثم بدر الخرشني ثم عبد الرحمن بن أحمد بن خاقان المُفْلحيّ. المستكفي ثم بُويع أبو القاسم عبد الله بن عليّ المستكفي في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة بالسِّنديّة عُقيب كسوف القمر. وخلع في شعبان سنة أربع وثلاثين وثلثمائة. فكانت خلافته سنة واحدة وسِتة أشهر وأياماً. وكان مولدُه مستهل سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وتوفى سنة تسع وثلاثين وثلثمائة. وكانت سنه سبعاً وأربعين سنة. وأمه أم ولد يقال لها غُصن. وكان أبيضَ تعلوه حُمرة ضخمَ الجسم تام الطُول خفيفَ العارضين كبيرَ العينين أشهلَ جهوريّ الصوت. نقش خاتمه " وَزر له محمد بن عليّ السرَّ مَن رائي. واستكتب بعده أبا أحمد الفضل بن عبد الله الشيرازي واستحجب أحمد بن خاقان. المطيع ثم بُويع المطيع أبو القاسم الفضل بن المقتدر لسبعِ بقين من شعبان سنه أربع وثلاثين وثلثمائة وخَلع نفسَه ببغداد لسبعَ عشرة ليلة خَلت من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وثلثمائة. وكان مولدُه في النصف من ذي القِعدة سنة إحدى وثلثمائة. وتوفي في. فكانت خلافته تسعاً وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوماً. وأمه أم ولد تُدعى مَشْعلة. وكانت سنة وكان شديدَ البياض أسودَ شعر الرأس واللحية. وَزر له عليّ بن محمد ابن مُقلة. والناظر في الأمورِ أبو جعفر الصيمريّ. كاتب أحمد بن بُويه. ثم استولى على اسم الوزارة. وكتب للمطيع الفضل بن عبد الرحمن الشيرازيّ ومات وقام مقامه أبو محمد الحسن بن محمد المُهلبي وحاجبه عزْ الدولة بُحتيار ابن مُعز الدولة. تم كتاب اليتيمة الثانية
|